في أحد شوارع وسط البلد في مدينة عمان، وعلى احدى الشرفات المعلقة ستستوقفك يافطة مكتوب عليها" هنا يقع أقدم بيت في مدينة عمان اليوم، ديوان المخيبة الثقافي، مفتوح لاستقبال الزوار". من البوابة الصغيرة في أحد الزقاق في منتصف شارع الملك فيصل ستضع قدمك على الدرجة الأولى من عشرينيات القرن الماضي بجمال عمارته وتصميمه الداخلي الذي يحاكي تلك الفترة الزمنية والمستوحى من فنون القصور العثمانية الاثرية.
فور دخولك المكان، ستستشعر سلامًا غريبا وهدوءً يضفيه لون جدرانه الأزرق على حواسك، شرفته الواسعة بتصميمها الأصيل تعكس ضوء المدينة وذاكرتها وبيوتها العتيقة في عينيك كلوحة فنية لا مثيل لها! ودائما سيكون بانتظارك أحدهم ليقدم لك الشاي بالنعناع الطازج او القهوة المهيلة لتعبق بها زوايا المكان، وسينتظرك الكثير الكثير من الكتب واللوحات الفنية لفنانين محليين ونسخا من صحف قديمة ومخطوطات وتحفًا فنية لا تقدر بثمن!
يعود بناء هذا المكان الاستثنائي الى أحد باشوات عمان حيث قام ببنائه العين عبد الرحمن باشا ماضي في عام ١٩٢٤ ليتناسب ومكانته الاجتماعية المرموقة، ثم بعدها قامت حكومة امارة شرق الأردن باستئجار المكان ليصبح اول مبنى للبريد الأردني في مدينة عمان واستمر كذلك حتى نهاية اربعينيات القرن الماضي حيث تحول الى" فندق حيفا" حتى التفت اليه الدوق ممدوح بشارات في عام ٢٠١٠ فاستأجره من عائلة ماضي محولًا إياه الى معلم ثقافي وسياحي وفني املاً في المحافظة على تاريخه من الحداثة التي تسببت بضياع وهدم امثاله من البيوت العريقة التي تحمل تاريخا عظيما للمدينة وساكنيها.
أُطلق على المكان اسم "ديوان الدوق" نسبة الى الدوق ممدوح بشارات الذي انعم عليه جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال لقب "الدوق" سنة ١٩٧٤ نظرًا لجهوده ونشاطاته البيئية والزراعية في الأردن والتي خدمت ووفرت الكثير من الوظائف للطبقة العاملة من شباب المجتمع الأردني الكادح.
يعتبر ديوان الدوق مقصدًا سياحيًا للكثير من السياح العرب والأجانب في وقتنا الحالي، كما ويعتبر وجهة فنية وثقافية للمواهب المحلية حيث يفتح ابوابه لهواة الشعر والموسيقى والمسرح والادب والرسم فتقام فيه العديد من اللقاءات الفنية والأدبية والندوات الثقافية حول تاريخ مدينة عمان العريقة!