في اللحظة التي ستصل بها الى مركز زوار وادي رم، وتهم بالنزول من حافلة السياح، فإن أول ما ستسمعه هو صوت سكون الرمال المُمتدة أمام ناظريك، وأول ما ستراه أمواجاً من الألوان الرملية العاكسة لأشعة الشمس في أفق يمتد على مد البصر!
فعلى سطح هذه العجيبة الكونية ستعيش مُتعة بصرية وتجربة من التأمل والسكون في رحلة أقرب إلى الخيال.
كل شيء في وادي رم له طابعه الخاص، ابتداءً من مذاق كوب الشاي بالأعشاب البرية من صنع البدوي الأردني الذي يستقبلك في خيمته مرحبًا بك، وكأنك فردًا من أفراد بيته وانتهاءً بتجربة القبب المريخية التي تحاكي في تصاميمها مستقبل البشرية على كوكب المريخ.
يقع وادي رم في المنطقة الجنوبية من المملكة الأردنية الهاشمية ويبعد حوالي ٣٠٠ كلم عن العاصمة عمان و٧٠ كلم عن مدينة العقبة.
تكثر في وادي رم المخيمات التي توفر خيارات متعددة للإقامة، فستجد خيام الشعر البدوية إن كنت تريد أن تعيش تجربة البداوة على أصولها، وستجد غرفاً فندقية فخمة ومجهزة ومخدومة إن كنت تريد أن تعيش تجربة الرفاهية في منتصف الصحراء، كما وستجد أيضا القبب المريخية ذات التصميم السحري المكون من جدران زجاجية بإطلالات بانورامية على الصحراء والجبال المحيطة والتي تنقلك لعيش تجربة هوليودية فريدة تحاكي مساكن أودية كوكب المريخ.
تزخر منطقة وادي رم بالنشاطات السياحية المتنوعة، ولعل من اكثرها شهرة هي تسلق الجبال والتشكيلات الصخرية العجيبة التي تكثر في المنطقة. من أشهر تلك الصخور جسر الصخرة أو جسر البردة الذي يعد من أعلى الأقواس الحجرية في المنطقة وواحد من أعلى الصخور في العالم إذ يبلغ ارتفاعه ٨٠ مترًا ويستغرق التسلق للوصول إلى قمته حوالي ثلاث ساعات. عند الوصول إلى قمة الجسر ستشاهد المنظر الأخاذ لرمال الصحراء الذهبية وجبال الجرانيت والرخام المنتصبة كقطع فنية في متحف رملي مترامي الأطراف!
كما ويمكنك ركوب الخيل والجمال أو القيام برحلات سفاري داخل رمال الصحراء وكثبانها في جولات بين الجبال الشاهقة من خلال سيارات الدفع الرباعي، ويمكنك تنسيق جميع هذه الرحلات من داخل مخيم إقامتك بسهولة وحرفية عالية.
ومن الأنشطة الجميلة جداً والتي حتماً ستثري تجربة المغامر في داخلك، هي مشاهدة سلاسل الجبال ورمال الصحراء من السماء في رحلة بالمنطاد تستمر من ثلاثين دقيقة إلى ساعة كاملة، وتعتمد رحلة المنطاد على الظروف الجوية وسرعة الرياح واتجاهها لذلك قد لا تكون هذه الرحلة دائماً متوفرة في فصول معينة وعلى مدار السنة.
وأخيراً، فإن من أمتع وأجمل الأنشطة التي يمكن القيام بها في وادي رم هي الأنشطة الفلكية حيث يتوافد عدد كبير من السياح إلى المرصد الفلكي في وادي رم لخوض تجربة نادرة لمراقبة الكواكب والنجوم في ذلك الموقع البعيد عن التلوث الضوئي، مما يمكنهم من رؤية الكثير من النجوم والكواكب بالعين المجردة لصفاء السماء ووضحوها. كما ويوفر المرصد تليسكوب يضم أحدث التقنيات التكنولوجية التي تجعل من رؤية نظامنا الشمسي وكواكبه، بالإضافة إلى بعض المجرات البعيدة تجربة لن تتكرر من حيث إعادة الصلة بين الإنسان والطبيعة!
تعتبر الزيارة إلى وادي رم من أجمل التجارب التي تجمع بين الماضي والحاضر وتُعيد الانسان الى جذور التاريخ وأصالة الحياة البدوية وإلى المستقبل وتطلعات الأجيال القادمة في نفس ذات الوقت!